السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
من واقع تجربتي المتواضعة في التعليم الإبتدائي (7سنوات تقريبا) استنتجت عدة استنتاجات تتعلق بشخصية الطفل و كيفية تعلمه و اكتسابه للمهارات اردت ان اشارككم بها اولا الطفل اليوم اصبح في المجمل كسولا عقليا يريد ان ياخذ المعلومة مباشرة و بسرعة و لا يريد ان يبذل اي مجهود لاكتسابها او لحل المشكلات و التمارين ربما يتعلق هذا بايقاع العصر من توفر المعلومات في التلفاز و الانترنت او بسبب الاخطاء البيداغوجية للمعلمين او لانتشار الدروس الخصوصية و الكتب الموازية ثانيا الطفل اليوم و بسبب اخطاء الاباء و خاصة الامهات التربوية اصبح ينشأ على عدم تحمل المسؤولية فلا يريد في الغالب ان يتحمل مسؤولية شراء الحاجيات من الدكان و لا اي مسؤولية اخرى مهما كانت بسيطة مع طبعا وجود استثناءات من ابناء الفقراء و ابناء الارياف الذين يربيهم اهلهم على تحمل المسؤوليات منذ الصغر ثالثا هناك خطأ منتشر في هذا العصر و هو اهمال راي الصغير و عدم الاستماع اليه على اساس انه قاصر مع انه في الواقع الطفل الصغير هو شديد الملاحظة و الادراك حتى للتفاصيل الصغيرة جدا التي لا يلاحظها الكبار رابعا هناك سبب رئيسي لانخفاض نسبة التحصيل المدرسي و هو نمط الحياة غير الصحي للاطفال غذاء غير صحي مليء بالسكريات الصناعية و الدهون المشروع الافراط في السهر ليلا الفرجة المستمرة على التلفاز و الاستعمال المفرط للهاتف و الالعاب الاكترونية و عدم ممارسة الالعاب الحركية و كرة القدم( كم افرح عندما ارى اطفالا في الحومة يمارسون كرة القدم) مما يؤدي الى انخفاض نسبة الذكاء عند الاطفال خامسا الاطفال الانطواىيون او الانعزاليون الذين لا يشاركون كثيرا في القسم و لا يختلطون كثيرا بزملائهم و التي يعتقد فيهم البعض الميل الى التوحد هم بالعكس الاقرب الى التميز فاغلب العباقرة كانوا انطواىيين لان الانطواىيين هم الذين يتميزون بالاستجابة الشديدة للمثيرات و التحليل العميق للامور ( راجع مراجعة كتاب الهدوء عبقرية الانطواىىين على اليوتيوب) سادسا اهم ملمح او مظهر من مظاهر الذكاء سرعة التكيف او سرعة الاستجابة للمتغيرات و طبعا تتعدد الذكاءات فهناك الذكاء المعرفي و الذكاء الاجتماعي و الذكاء العاطفي و الذكاء الفني و الذكاء الرياضي و كل ذكاء يتكثل اساسا في سرعة الاستجابة للمتغيرات فالذكي اجتماعيا هو الذي يفهم بسرعة و يتكيف بسرعة مع تغير المواقف و الاشخاص و الذكي معرفيا هو الذي يستجيب بسرعة لتغير المعلومات و المفاهيم و لا يتبلد او يطبق قاعدة او معادلة ليس هذا محلها و الذكي مهنيا هو الذي يتكيف مع تبدل ظروف سوق الشغل الخ سابعا لا يوجد طفل غبي على الاطلاق ( ماعدا حالات التخلف الذهني المرضية) فاي طفل يولد و عنده بذرة الابداع و بذرة الاتقان في ماهو من مميزاته الفطرية التي قد ينميها اذا وجد البيىة المناسبة و الرعاية و التدريب و التاهيل و قد تضمر مهاراته اذا لم يصقلها كماهو في الانظمة التعليمية الاكاديمية المغلقة كالنظان التعليمي التونسي كل طفل هو ذكي بالفطرة و لكن اذا جعلت معيار الذكاء هو تسلق الاشجار فستبقى السمكة طول عمرها تعاني و تعتقد انها غبية كما يقول المثل
اريد ان اذكر 4 امثلة لكيفية استجابة تلاميذ للمتغيرات توضح مدى الذكاء
_ تلميذ يدرس في السنة الثانية إبتدائي 3 - 5 كم تساوي طبعا هو لا يعرف الارقام الحقيقية و لا السالبة و بالكاد تعلم عملية الطرح فاجاب3-3=0 و ال2 المتبقية من 5 تبقى تحت الصفر النتيجة هذا الطفل عبقري رياضيا و له مستقبل مبهر
_ تلميذة في السنة الرابعة تعاني من صعوبة القراءة و الكتابة باللغة العربية بل بالكاد تعرف الحروف العربية الا انها تعرف جيدا الحروف اللاتينية عندما درست اللغة الانقليزية كانت تكتب الكلمة بالانقليزية ثم تكتب ترجمتها في كنش بالصور لانها بالكاد تكتب بالعربية النتيجة رغم ان هذه التلميذ تعاني من صعوبات التعلم الا انها استطاعت التكيف و التعبير عن المعنى بالصورة
_ تلميذة في السنة الرابعة في درس الجهاز الهضمي سئلت كيف نهضم الطعام فاجابت المشروبات الغازية و الماء هي التي تسهل هضم الطعام و هذا خطأ معرفي ناتج عن التاثر بالاشهارات التلفزية
_ تلميذ يدرس في السنة الثالثة مجتهد و متميز في دراسته و يطالع و يتابع البرامج الوثائقية العلمية و هذا جيد جدا طرح يوما مسألة اصل الانسان و اكد باصرار ان الانسان اصله قرد ثم تطور و هناك حلقات وسطى بينهما و هو ما شاهده في احد البرامج الوثائقية النتيجة يتم فريسة عقول الاطفال منذ الصغر و اقناعهم بنظريات مخالفة للدين و حتى صحيح العلم بدأ يظهر بطلانها مع الأيام
جاء خلف الاحمر الى ابي نواس و قال له علمني الشعر فجربه ان يقول بيتا او بيتين في موضوعات متعددة فوجد ان عنده الملكة الشعرية الفطرية فقال له اذهب و احفظ الف بيت او عشرة الاف بيت من شعر العرب في مختلف الموضوعات فبقي ستة اشهر ثم جاءه و قال له قد حفظت الف بيت قال له اذهب و انسها فذهب و نسيها قال له الان صرت شاعرا هذه افضل طريقة للابداع يجب ان تكون الملكة الفطرية موجودة اساسا ثم تدريب تلقين حفظ من الموروث ثم نسيانه لاكتساب المعجم و الصور الشعرية و تبدأ حالة الابداع تتفاعل من الذاكرة المخزونة بين الوعي و الاوعي هذه افضل طريقة ليكتسب الطفل العبقرية و الاتقان و الابداع سواء في حل المسائل الرياضية و الفيزيائية بانجاز عشرات التمارين و المسائل و النماذج و الامثلة ثم لا اقول نسيانها بل التغافل عنها و ذكاؤه يبرز عندما تعترضه مسالة ان يختار النموذج و المعطيات المناسبة و ااعتبار الفوارق و الاختلافات على شرط ان تكون عنده الملكة الاساسية الفطرية كذلك في الابداع الادبي و الفني و في الاختراع و في الصنعة و الحرفة اليدوية ملكة فطرية الملاحظة الحفظ التدريب المستمر النسيان او التغافل بمعنى تمر من الذاكرة الواعية الى الذاكرة الباطنية اللاوعية ثم تطفو على السطح في لحظة الابداع عندما تكون الظروف مهيئة و شرط اخر يجب ان يكون معه في مرحلة التدريب الحفظ الملاحظة معلم او مرشد حاذق يوجهه هكذا يكون الاتقان و الابداع
الحفظ ايضا ضروري مثلا حفظ السور القرآنية و الاحاديث النبوية و المحفوظات و الاناشيد و المقاطع الوصفية و المقولات فالتحليل و الاستنتاج هي مرقى (مرحلة اعلى) من الحفظ و التلقين كل بناء يتبنى مالساس
نتحدث عن مراحل التعلم الاولى تعرف مشهود لمن حفظ القرآن في الكتاتيب سابقا الفصاحة و الجرأة و قوة الشخصية و ايضا التميز في الدراسة لماذا هذا يعود الى نظرية كيف يتعلم التلميذ الكلام في المراحل المبكرة يقول بعض علماء اللسانيات ان الطفل قبل ان يتكلم يجب ان يتراكم في ذهنه مجموعة كبيرة بل هائلة من الكلمات و المفردات من امه و ابيه و محيطه و ياريت تكون على شكل مناغاة و اغاني بصوت محبب فلما يصل هذا التراكم الى حد يسمى التدفق السمعي يبدأ الطفل يحاول ان يقلد و يتكلم و هكذا شيئا فشيئا يقلد ثم يفهم ثم يتكلم كلاما مفهوما له معنى كذلك ليتعلم الطفل القراءة يجب ان يتعرض الى مئات المفردات و الحروف و يسمع معلمه و اباه يرددها فيربط بين الحرف و نطقه و بين الكلمة و معناها و صورتها الذهنية فيحصل له تدفق بصري يجعله يقرأ الحروف و المفردات بدون هذا التدفق لن يقرأ كما انه بدون التدفق السمعي لن يتكلم و هذه نظرية معترف بها في علوم التربية اعتقد ان ايضا ان التلميذ اذا حصل له تدفق معرفي مخطط له بشكل واع قد يفهم يعني الاكتشاف ثم القاعدة ثم التدريب المكثف للقاعدة سواء الرياضية او اللغوية عبر عشرات و مئات التمارين و الوضعية سيحصل له فهم و تمكن
لايلقن القواعد في البداية بل يحفظ القرآن بقواعده شفويا من معلمه بالنطق الصحيح و التجويد بدون ان يقال له هذه قلقلة و هذه غنة و هءه امالة الا في مراحل متقدمة بالضبط كما انه لا يتعلم قواعد اللغة الا في السنة الثالثة ابتدائي و لكنه قبلها يتعلم كيف يقرأ جملة و نصا بالطريقة الصحيحة فيرفع الفاعل و ينصب المفعول به و لا يقال له هذا فاعل مرفوع بالضم و هذا مفعول به منصوب بالفتح الا حين يدرس قواعد اللغة
ثمة كتاب رائع لروبرت غرين اسمه الاتقان لروبرت غرين يتحدث عن قوانين امتلاك الاتقان و تطوير المواهب و الملكات حتى الابداع فيها و مع انني لا اومن كثيرا بالتنمية و البشرية و لا اوافق الكاتب على كثير من الامثلة التي ضربها الا انه كتاب جيد و جدير بالقراءة في ما يخص قوانين الابداع و الوصول الى مرحلة الاتقان